فصل: 35- مسألة: في قوله تعالى:: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.30- مسألة: الفرق بين قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ومثيله في سورة الأعراف:

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}.
وفى الأعراف: {فبدل الذين ظلموا منهم}.
وقال: {فأرسلنا عليهم}.
وقال هنا: {يفسقون} وفي الأعراف: {يظلمون}؟
جوابه:
لما سبق في الأعراف تبعيض الهادين بقوله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ}.
ناسب تبعيض الظالمين منهم بقوله تعالى: {الذين ظلموا منهم}. ولم يتقدم مثله في البقرة.
وقوله: {عليهم}. ليس فيه تصريح بنجاة غيرهم.
وفى البقرة إشارة إلى سلامة غير {الذين ظلموا} لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال.
فناسب سياق ذكر النعمة ذلك في البقرة.
وختم آية البقرة ب {يفسفون} ولا يلزم منه الظلم، والظلم يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ منهما سياقه.

.31- مسألة: الفرق بين قوله تعالى: {فَانْفَجَرَتْ} وفى الأعراف: {فانبجست}:

قوله تعالى: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} وفى الأعراف: {فانبجست}؟
جوابه:
قيل إن الانبجاس دون الانفجار، وأن الانفجار أبلغ في كثرة الماء فعلى هذا: أن سياق ذكر نعمته اقتضى ذكر الانفجار، ونسبه.
وقيل: هما بمعنى واحد، فيكون من تنويع الألفاظ والفصاحة.

.32- مسألة: دفع إيهام بين قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} وقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا}:

قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} وقد قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا}؟
جوابه: في سورة غافر.

.33- مسألة: التعريف والتنكير في قوله تعالى: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} وقوله في آل عمران: {بغير حق}:

قوله تعالى: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} وقد قال في آل عمران: {بغير حق}.
فعرف هنا ونكر ذلك؟
جوابه:
أن آية البقرة: نزلت في قدماء اليهود بدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}.
والمراد {بغير الحق} الموجب للقتل عندهم، بل قتلوهم ظلما وعدوانا.
وآيات آل عمران: في الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
بدليل قوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} وبقوله تعالى: {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقولون}.
وبدليل قوله تعالى في الثانية: {لن يضروكم إلا أذى}- الآية.
لأنهم كانوا حرصاء على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك سموه، ولكن الله تعالى. عصمه منهم فجاء منكرا ليكون أعم فتقوى الشناعة عليهم والتوبيخ لهم، لأن قوله تعالى: {بغير حق} بمعنى قوله ظلما وعدوانا.
وهذا هو جواب من قال: ما فائدة قوله: {بغير الحق} أو: بغير حق والأنبياء لايقتلن إلا بغير حق.

.34- مسألة: التقديم والتأخير في قوله تعالى: {وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} وقوله في المائدة والحج: {والصابئون وَالنَّصَارَى}:

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}.
وقال في المائدة والحج: {والصابئون وَالنَّصَارَى} قدم النصارى في البقرة، وأخرهم في المائدة والحج؟
جوابه:
أن التقديم قد يكون بالفضل والشرف، وقد يكون بالزمان.
فروعي في البقرة تقديم الشرف بالكتاب، لأن الصابئين لا كتاب لهم مشهود ولذلك قدم: {الَّذِينَ هَادُوا} في جميع الآيات. وإن كانت الصابئة متقدمة في الزمان.
وأخر النصارى في بعضها: لأن اليهود موحدون والنصارى مشركون، ولذلك قرن النصارى في الحج بالمجوس والمشركين، فأخرهم لإشراكهم بمن بعدهم في الشرك، وقدمت الصابئون عليهم في بعض الآيات لتقدم زمانهم عليهم.
وقول بعض الفقهاء: إن الصابئة فرقة من النصارى باطل لا أصل له.

.35- مسألة: في قوله تعالى:: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}:

ثم قال: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}.
جوابه:
المراد: من استمر على إيمانه، أو من أظهر منهم الإيمان ولم يعمل به.
والمراد بمن آمن: من عمل بتكميل إيمانه ومات عليه.

.36- مسألة: في قوله تعالى: {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}:

قوله تعالى: {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
ما فائدة: هم؟
جوابه:
أن العطف على الجملة الاسمية أفصح وأنسب.

.37- مسألة: تقديم الذبح في الذكر في قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} بعد قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}:

قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا}.
بعد قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} والأمر بذبحها بعد القتل، فما فائدة تقديم الذبح في الذكر؟
جوابه:
أن آيات البقرة سيقت لبيان النعم كما تقدم، فناسب تقدم ذكر النعمة على ذكر الذنب.

.38- مسألة: فائدة الأمر بذبح البقرة:

الرب تعالى قادر على إحياء الميت دون البقرة، فما فائدة الأمر بذبحها لذلك؟
جوابه:
قد يكون فائدة الأمر لترتيب الأشياء على أسبابها لما اقتضته الحكمة القديمة، ولجبر اليتيم صاحب البقرة بما حصل له من ثمنها.

.39- مسألة: التعبير بقوله تعالى: {مَعْدُودَةً} وفى آل عمران: {معدودات}:

قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}.
وفى آل عمران: {معدودات}.
ومعدودة: جمع كثرة، ومعدودات: جمع قلة؟
جوابه:
أن قائلي ذلك من اليهود فرقتان:
إحداهما قالت: إنما نعذب بالنار سبعة أيام، وهي عدد أيام الدنيا.
وقالت فرقة: إنما نعذب أربعين يوما، وهي أيام عبادتهم العجل.
فآية البقرة يحتمل قصد الفرقة الثانية، وآية آل عمران يحتمل قصد الفرقة الأولى.

.40- مسألة: في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} وفى سورة الجمعة: {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا}:

قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}؟
وفى الجمعة: {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا}.
جوابه:
لما كانت دعواهم أن الدار الآخرة لهم خاصة: أكد نفى ذلك بلن لأنها أبلغ في النفى من لا لظهورها في الاستغراق. وفى الجمعة: ادعوا ولاية الله، ولا يلزم من الولاية لله اختصاصهم بثواب الله وجنته فأتى بلا النافية للولاية. وكلاهما مؤكد بالتأبيد، لكن في البقرة أبلغ.
وأيضا: أن آية البقرة وردت بعد ما تقدم منهم من الكفر والعصيان وقتل الأنبياء: فناسب حرف المبالغة في النفى لتمنيهم الموت لما يعلمون ما لهم بعده من العذاب، لأن لن أبلغ في النفى عند كثير من أئمة العربية، وآية الجمعة لم يتقدمها ذلك، جاءت بلا الدالة على مطلق النفى من غير مبالغة.

.41- مسألة: في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} وفى آل عمران: {إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ}:

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} وفى آل عمران: {إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ}؟
جوابه:
أن المراد بالهدى في البقرة: تحويل القبلة، لأن الآية نزلت فيه.
والمراد بالهدى في آل عمران: الدين لتقدم قوله تعالى: {لمن تبع دينكم} ومعناه: أن دين الله الإسلام.

.42- مسألة: قوله تعالى: {بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ} بغير {من} وقال في القبلة: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ}:

قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} وقال في القبلة: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ} بغير {من} في الأولى؟
جوابه:
أن {الذى} أبلغ من ما في باب الموصول في الاستغراق، فلما تضمنها الآية الأولى اتباع عموم أهوائهم في كل ما كانوا عليه، بدليل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} ناسب لفظ {الذى} التي هي أبلغ في بابها من ما.
والآيتان الآخرتان في باب بعض معروف.
أما آية البقرة: ففي اتباعهم في القبلة.
وأما آية الرعد: ففي البعض الذي أنكروه لتقدم قوله: {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} أي: لئن اتبعت أهواءهم في بعض الذي أنكروه.
ودخلت من في آية القبلة: لأنه في أمر مؤقت معين وهو: الصلاة التي نزلت الآية فيها أي: من بعد نسخ القبلة لأن من لابتداء الغاية.

.43- مسألة: في قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} وفى إبراهيم: {هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}:

قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا}.
وفى إبراهيم: {هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}.
جوابه:
آية البقرة دعي بها عند ترك إسماعيل وهاجر في الوادي قبل بناء مكة وسكنى جرهم فيها.
وآية إبراهيم بعد عوده إليها وبناءها.

.44- مسألة: في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} وقال في آل عمران والتوبة {من أنفسهم} و{من أنفسكم}:

قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} وقال في آل عمران والتوبة {من أنفسهم} و{من أنفسكم}؟
جوابه:
أن آية البقرة في سياق دعاء إبراهيم.
وفى آل عمران والتوبة في سياق المنة عليهم، والرحمة والإشفاق منه عليهم، فناسب ذكر ومن أنفسهم لمزيد الحنو والمنة، وكذا بالمؤمنين رؤوف رحيم.

.45- مسألة: تكرار قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}:

قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}.
كررها مع قرب العهد بالأولى فما فائدة ذلك؟
جوابه:
أن الأولى: وردت تقريرا لإثبات ما نفوه من دين الإسلام الذي وصى به إبراهيم ويعقوب، ومعناه أن أولئك أدوا ما عليهم من التبليغ والوصية فلهم أجر ذلك، ولكم من الوزر والإثم بما خالفتموهم ما يعود عليكم وباله.
وأما الثانية: فوردت نفيا لما ادعوه من أن إبراهيم ومن ذكر بعده كانوا هودا أو نصارى.
ومعناه: أن أولئك فازوا بما تدينوا به من دين الإسلام، وعليكم إثم مخالفتهم، وما اقترفتم عليهم من التهود والتنصر الذي هم براء منه.

.46- مسألة: الجمع والإفراد في قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} وفى آل عمران: {قُلْ آمَنَّا}:

قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}.
وفى آل عمران: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}.
جوابه:
لما صدر آية البقرة بقوله: {قُولُوا} وهو خطاب المسلمين ردا على قول أهل الكتاب: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} قال: {إلينا}. ولما صدر آية آل عمران بقوله: قل قال: {علينا}. والفرق بينهما: أن {إلى} ينتهي بها من كل جهة، و{على} لا ينتهى بها إلا من جهة واحدة وهي: العلو.
والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها، وإنما أتى النبي صلى الله عليه وسلم من جهة العلو خاصة، فحسن وناسب قوله: {علينا} لقوله: {قل} مع فضل تنويع الخطاب.
وكذلك أكثرها جاء في جهة النبي صلى الله عليه وسلم ب {على} وأكثر ما جاء جهة الأمة ب {إلى}.